تقييمك للمقالة
من الصعب أن أعاود الكتابة دون التعرض لحديث الساعة وهو ثورة 25 يناير 2011 أي الثورة المصرية، وليس من المناسب أن أكتب في مواضيع سياسية فلست خبيرا بها، ولا هي مناسبة لتخصص هذا الموقع. ولكنني رأيت أن هناك دروسا إدارية مهمة يمكن أن نتعلمها كمديرين ودارسين للإدارة، وأي تعلم أفضل من أمور عايشناها وهزت بلداننا وأثرت على وجداننا. لذلك فإنني أحاول في هذه المقالة التعرض لبعض هذه الدروس التي قد يستفيد منها مديرٌ في مصنع أو مستشفى أو مطار أو جامعة.
الاستماع للعملاء
لابد للمدير أن يستمع للعملاء بشكل مباشر ويشمل ذلك الموظفين، وقد كانت الثورة درسا في ذلك حيث أن الرئيس السابق حين كان يستمع للجماهير في بداية ولايته وكانت له شعبية وكان يعرف جيدا احتياجات الناس، وأما في الآونة الأخيرة فأصبح استماعه أقل واختلاطه بالشعب أقل – بسبب المرض أو تقدم السن أو غيرهما- وبالتالي فهو لم يتوقع ما حدث ولا تصور أن يكون هناك رفض شعبي بهذه الصورة لكثير مما يجري على الساحة السياسية. لذلك عليك كمدير ألا تتوقف عن الاستماع للعملاء وللموظفين بل وللموردين لكي تتعرف على وجهة نظرهم واحتياجاتهم والعقبات التي تواجههم. وعليك ألا تظن أن استماعك هذا العام يغنيك عن الاستماع في الأعوام القادمة فالأمور تتغير ومشاكل الموظفين تتغير واحتياجات العملاء تتبدل.
قيمة الثقة
اتضح لنا قيمة الثقة والخسائر الفادحة لفقدانها فقد كانت بعض الوعود تكفي لو كانت هناك ثقة متوفرة بين الطرفين، ولكن لمَّا لم تتوفر الثقة استمرت المظاهرات حتى التنحي، بل وظلت لدى الناس شكوك بعد ذلك. الثقة أمرٌ ثمين وفقدانه هو مشكلة كبيرة، فإذا كنت تثق في مديرك فإنه يكفيك أن يقول لك سوف أكافئك على هذا العمل، وأما إن كنت لا تثق فيه فلن تصدقه ولو أصدر قرارا موثقا. فقدان الثقة يفتح الباب للشكوك والشائعات ويُهدر طاقة العاملين في الاعتراضات، وأما توفر الثقة في عدل إدارة المؤسسة وتقديرها لجهد العاملين فهو مصدر لطاقة تحفيزية عظيمة. وهناك من قال أن هناك علاقة طردية بين الثقة والإنتاجية. فلابد لك كمدير أن تحرص حرصا شديدا على تنمية ثقة العاملين والعملاء والموردين بك، فعليك أن تكون صادقا وافيا بالوعد معتذرا عن الخطأ، ولا تنس أن فقدان الثقة أمر سهل جدا قد يأتي من كذبة واحدة.
مهارات التواصل
كان يمكن للخطابات الثلاث أن تكون أكثر تأثيرا لو صيغت بأسلوب مناسب وألقيت بتفاعل أقوى، فعلى سبيل المثال فإن تقديم القرارات التي تلبِّي بعض طلبات الشعب مثل إقالة الوزارة أو تفويض نائب الرئيس في الجزء الأول من الخطاب كان سيجعل باقي الخطاب أكثر قبولا، وكذلك أسلوب الخطاب الذي احتوى على الكثير من “سأفعل وسأظل وسأستمر” كان يُوحي بطول المدة وهو ما يتصادم مع طلبات الثوار. وأما أسلوب الخطاب فإنه كان يمكن أن يكون أكثر تأثيرا لو كان فيه قدر أكبر من مخاطبة العاطفة وفيه خروج عن الشكل الكلاسيكي لإلقاء الخطب، وعلى سبيل المثال فإن قراءة الخطاب من شاشة تليفزيونية كان سيكون أفضل بكثير من القراءة من الأوراق لأن الأخير لا يساعد على النظر للكاميرا أو للمستمعين. فمهارات الخطابة أو تقديم العروض presentation أو عرض مُقتَرَح هي مهارات أساسية للمديرين وقد تؤثر بشكل كبير على نجاحهم، فقد يفشل مدير في إقناع إدارة الشركة بمشروع نتيجة لضعف أسلوب عرضه، وقد يثير مديرا العاملين نتيجة لأسلوب خطابه غير المريح.
روح الفريق
رأينا كيف كان اتحاد هدف المتظاهرين وعملهم بروح الفريق سببا رئيسيا في نجاحهم مع اختلاف أعمارهم ومؤهلاتهم وتوجهاتهم. لو استطعت كمدير أن توحد هدف العاملين نحو هدف واحد أو أهداف محددة يستفيدون جميعا من تحقيقها لخلقت روح الفريق مثل التي رأيناها في ميدان التحرير. والمدير عليه أن يضع أهدافا يلتف حولها العاملون كفريق واحد، وهذا لا يأتي بمجرد وضع أهداف ولكن بوضع أهداف فيها قدر من التحدي وليست بمستحيلة، ووضع عائد للعاملين من تحقيق الأهداف كفريق واحد. عندما يخلق المدير هذا الفريق تقل المشاحنات والتعقيدات والشكاوى فالعاملون في مركب واحد، وحينئذ تجد تعاونا غير مسبوق. وأظن أن أول خطوات خلق الفريق أن تشعر أنت انك قائد فريق وأنك جزء منه ثم تبدأ في محاولة تنمية هذا الشعور لدى الآخرين.
توقيت القرار
اتضح لنا كيف أن توقيت القرار مهم جدا، فكما ذكر كثير من المحللين فإن بعض القرارات التي اتخذت كانت كفيلة بإرضاء الشعب لو اتخذت قبل 25 يناير، وكانت هناك تعليقات كثيرة على تأخر قرارات لاحقة. وهذا أمر يتعلم منه المدير كثيرا لأن توقيت اتخاذ القرار له أمثلة كثيرة منها ما يتشابه مع هذا الموقف ومنها ما يختلف عنه. فمدير المؤسسة قد يصدر قرارات تلقى قبول الموظفين فلا يخرجون في اعتصامات ومظاهرات، ومدير التسويق لابد أن يحدد موعد تقديم المنتج الجديد بعناية، ومدير التصنيع يجب أن يتخذ قرار شراء معدات تزيد من إنتاجية المصنع في وقت مبكر جدا لوجود الحاجة لهذه الزيادة. فعليك كمدير ألا تفكر فقط في القرار بل تفكِّر كذلك في توقيت القرار.
منع حدوث المشكلة بدلا من مواجهة المشكلة بعد وقوعها
تفادي الاحتقان والمظاهرات والاعتصامات أسهل وأفضل من مواجهتها وكذلك في كل مشاكل العمل فإن منع المشكلة أسهل من علاجها بعد وقوعها، والوقاية خير من العلاج. فمدير الصيانة عليه أن يتأكد من تنفيذ أعمال الصيانة الوقائية في مواعيدها، والمهندس عليه أن يفكر في حلول تمنع من تكرار أي مشكلة، ومدير التسويق عليه أن يحرص على ولاء العملاء وثقتهم بدلا من أن يحاول استعادتهما بعد فقدانهما، ومدير التصنيع عليه أن يمنع حدوث إصابات للعاملين، وأسلوب العمل يجب أن يساعد على منع خطأ العامل غير المقصود.
التطوير المستمر
أن تطَوِّر باستمرار خيرٌ من أن يأتي يوم تكتشف أنك تخلَّفت عن الركب وتحتاج لتغيير مفاجئ باهظ التكاليف وقد لا تقدر عليه، فقد رأينا حجم التغيير المفاجئ الذي يطلبه الشعب المصري وصعوبة القيام به، ولو تمَّ ذلك تدريجيا منذ زمن لكان الوضع مختلفا. وكذلك المدير عليه أن يطوِّر عمله باستمرار وألا يظل مُبقيا على الأوضاع كما هي عليه لسنوات وسنوات ثم يكتشف فجأة أن عليه أن يحدث تغييرات كبيرة قد لا يتوفر لديه الموارد لتنفيذها، وقد لا يكون هو نفسه قادرا على مواكبتها. شركات كبيرة تخرج من السوق نتيجة لإهمالها لما يحدث حولها وعدم متابعتها لمتغيرات السوق والمنافسة والتكنولوجيا.
تقديم قيمة حقيقية للعملاء بلا خداع
لقد ثار الناس لأن هناك مشاكل كثيرة ولا يعترف أحد بوجودها وكأن الأمور تسير سيرا رائعا، وهذا الأسلوب لا ينفع على المدى البعيد. قد يستطيع البائع أن يخدع عميلا بل عملاء ويكسب بعض المقابل المادي المرتفع ولكن هذا لا يجدي على المدى البعيد لأن العملاء سيكتشفون أنهم خدعوا ولن يتعاملوا معه مرة أخرى، ومع مرور الوقت لا تجد من يشتري من هذا البائع أو تلك المؤسسة. والمؤسسات عليها أن تقدم خدمة جيدة للعميل وألا تحاول خداعه فالعملاء لهم عقول وهم يكرهون من يتصور أنه أكثر ذكاء منهم. إن تحقيق المكاسب على المدى البعيد يأتي من تقديم قيمة حقيقية ويأتي من الالتزام بأخلاقيات العمل.
الكفاح المستمر
ماضيك لن يشفع لك طول العمر، وقد كان لرئيس مصر السابق تاريخ عسكري ومدني ولكن ذلك لم يمنع الشعب من إظهار غضبهم عندما لم تعجبهم الأحوال. والمدير لابد أن يعلم هذا جيدا فلن يكفي أن يجتهد في عام 2011 بل لابد أن يجتهد باستمرار في كل الأعوام، ولا يشفع للمدير الذي لا يستمع لمرؤوسيه أنه كان يستمع لهم في أوقات سابقة، ولن يرضى العميل عن منتج سيء بسبب أن منتجات الشركة كانت عظيمة فيما سبق. فالكفاح لابد أن يستمر.
التحفيز الفائق
لماذا نزل الشباب لتنظيف الشوارع؟ هل هو إيمان مفاجئ بقيمة النظافة؟ لا إنه شعورهم بان هذه بلدهم وأن لهم رأيا يُحترم. إن هذه ظاهرة لابد أن يتعلم منها المدير فهؤلاء السباب لا يتقاضون راتبا على هذا العمل، وبإمكانهم ألا يفعلوا ذلك ويستمتعوا بالراحة أو مشاهدة التليفزيون أو تصفح الإنترنت، ولكنهم قرروا أن يقوما بتنظيف الشوارع ودهان الأرصفة وتجميل الحوائط. هل هذه البلد لم تكن بلدهم؟ لا إنها بلدهم منذ ولدوا. إنه الشعور الحقيقي بأن هذا الطريق هو ملك لهم وأنهم مشاركون في صنع القرار والتأثير في مستقبل هذا البلد. فمتى استطعت كمدير أن تنمي هذا الشعور لدى الموظفين فستجد من يعمل ويكافح بلا اهتمام كبير بالمقابل المادي. كيف ذلك؟ بان تشعِرهم بالاحترام وتقدر أفكارهم وتتيح لهم تنفيذ أن يبتكروا ويطوروا العمل وأن تشجعهم وتكفأهم وان تربط مكافآتهم بنجاح المؤسسة وأن تتعامل معهم كأنك جزء من فريق العمل وأن تهتم بمشاكلهم. هذه ظاهرة على كل مدير أن يتأملها.
من الصعب أن أعاود الكتابة دون التعرض لحديث الساعة وهو ثورة 25 يناير 2011 أي الثورة المصرية، وليس من المناسب أن أكتب في مواضيع سياسية فلست خبيرا بها، ولا هي مناسبة لتخصص هذا الموقع. ولكنني رأيت أن هناك دروسا إدارية مهمة يمكن أن نتعلمها كمديرين ودارسين للإدارة، وأي تعلم أفضل من أمور عايشناها وهزت بلداننا وأثرت على وجداننا. لذلك فإنني أحاول في هذه المقالة التعرض لبعض هذه الدروس التي قد يستفيد منها مديرٌ في مصنع أو مستشفى أو مطار أو جامعة.
الاستماع للعملاء
لابد للمدير أن يستمع للعملاء بشكل مباشر ويشمل ذلك الموظفين، وقد كانت الثورة درسا في ذلك حيث أن الرئيس السابق حين كان يستمع للجماهير في بداية ولايته وكانت له شعبية وكان يعرف جيدا احتياجات الناس، وأما في الآونة الأخيرة فأصبح استماعه أقل واختلاطه بالشعب أقل – بسبب المرض أو تقدم السن أو غيرهما- وبالتالي فهو لم يتوقع ما حدث ولا تصور أن يكون هناك رفض شعبي بهذه الصورة لكثير مما يجري على الساحة السياسية. لذلك عليك كمدير ألا تتوقف عن الاستماع للعملاء وللموظفين بل وللموردين لكي تتعرف على وجهة نظرهم واحتياجاتهم والعقبات التي تواجههم. وعليك ألا تظن أن استماعك هذا العام يغنيك عن الاستماع في الأعوام القادمة فالأمور تتغير ومشاكل الموظفين تتغير واحتياجات العملاء تتبدل.
قيمة الثقة
اتضح لنا قيمة الثقة والخسائر الفادحة لفقدانها فقد كانت بعض الوعود تكفي لو كانت هناك ثقة متوفرة بين الطرفين، ولكن لمَّا لم تتوفر الثقة استمرت المظاهرات حتى التنحي، بل وظلت لدى الناس شكوك بعد ذلك. الثقة أمرٌ ثمين وفقدانه هو مشكلة كبيرة، فإذا كنت تثق في مديرك فإنه يكفيك أن يقول لك سوف أكافئك على هذا العمل، وأما إن كنت لا تثق فيه فلن تصدقه ولو أصدر قرارا موثقا. فقدان الثقة يفتح الباب للشكوك والشائعات ويُهدر طاقة العاملين في الاعتراضات، وأما توفر الثقة في عدل إدارة المؤسسة وتقديرها لجهد العاملين فهو مصدر لطاقة تحفيزية عظيمة. وهناك من قال أن هناك علاقة طردية بين الثقة والإنتاجية. فلابد لك كمدير أن تحرص حرصا شديدا على تنمية ثقة العاملين والعملاء والموردين بك، فعليك أن تكون صادقا وافيا بالوعد معتذرا عن الخطأ، ولا تنس أن فقدان الثقة أمر سهل جدا قد يأتي من كذبة واحدة.
مهارات التواصل
كان يمكن للخطابات الثلاث أن تكون أكثر تأثيرا لو صيغت بأسلوب مناسب وألقيت بتفاعل أقوى، فعلى سبيل المثال فإن تقديم القرارات التي تلبِّي بعض طلبات الشعب مثل إقالة الوزارة أو تفويض نائب الرئيس في الجزء الأول من الخطاب كان سيجعل باقي الخطاب أكثر قبولا، وكذلك أسلوب الخطاب الذي احتوى على الكثير من “سأفعل وسأظل وسأستمر” كان يُوحي بطول المدة وهو ما يتصادم مع طلبات الثوار. وأما أسلوب الخطاب فإنه كان يمكن أن يكون أكثر تأثيرا لو كان فيه قدر أكبر من مخاطبة العاطفة وفيه خروج عن الشكل الكلاسيكي لإلقاء الخطب، وعلى سبيل المثال فإن قراءة الخطاب من شاشة تليفزيونية كان سيكون أفضل بكثير من القراءة من الأوراق لأن الأخير لا يساعد على النظر للكاميرا أو للمستمعين. فمهارات الخطابة أو تقديم العروض presentation أو عرض مُقتَرَح هي مهارات أساسية للمديرين وقد تؤثر بشكل كبير على نجاحهم، فقد يفشل مدير في إقناع إدارة الشركة بمشروع نتيجة لضعف أسلوب عرضه، وقد يثير مديرا العاملين نتيجة لأسلوب خطابه غير المريح.
روح الفريق
رأينا كيف كان اتحاد هدف المتظاهرين وعملهم بروح الفريق سببا رئيسيا في نجاحهم مع اختلاف أعمارهم ومؤهلاتهم وتوجهاتهم. لو استطعت كمدير أن توحد هدف العاملين نحو هدف واحد أو أهداف محددة يستفيدون جميعا من تحقيقها لخلقت روح الفريق مثل التي رأيناها في ميدان التحرير. والمدير عليه أن يضع أهدافا يلتف حولها العاملون كفريق واحد، وهذا لا يأتي بمجرد وضع أهداف ولكن بوضع أهداف فيها قدر من التحدي وليست بمستحيلة، ووضع عائد للعاملين من تحقيق الأهداف كفريق واحد. عندما يخلق المدير هذا الفريق تقل المشاحنات والتعقيدات والشكاوى فالعاملون في مركب واحد، وحينئذ تجد تعاونا غير مسبوق. وأظن أن أول خطوات خلق الفريق أن تشعر أنت انك قائد فريق وأنك جزء منه ثم تبدأ في محاولة تنمية هذا الشعور لدى الآخرين.
توقيت القرار
اتضح لنا كيف أن توقيت القرار مهم جدا، فكما ذكر كثير من المحللين فإن بعض القرارات التي اتخذت كانت كفيلة بإرضاء الشعب لو اتخذت قبل 25 يناير، وكانت هناك تعليقات كثيرة على تأخر قرارات لاحقة. وهذا أمر يتعلم منه المدير كثيرا لأن توقيت اتخاذ القرار له أمثلة كثيرة منها ما يتشابه مع هذا الموقف ومنها ما يختلف عنه. فمدير المؤسسة قد يصدر قرارات تلقى قبول الموظفين فلا يخرجون في اعتصامات ومظاهرات، ومدير التسويق لابد أن يحدد موعد تقديم المنتج الجديد بعناية، ومدير التصنيع يجب أن يتخذ قرار شراء معدات تزيد من إنتاجية المصنع في وقت مبكر جدا لوجود الحاجة لهذه الزيادة. فعليك كمدير ألا تفكر فقط في القرار بل تفكِّر كذلك في توقيت القرار.
منع حدوث المشكلة بدلا من مواجهة المشكلة بعد وقوعها
تفادي الاحتقان والمظاهرات والاعتصامات أسهل وأفضل من مواجهتها وكذلك في كل مشاكل العمل فإن منع المشكلة أسهل من علاجها بعد وقوعها، والوقاية خير من العلاج. فمدير الصيانة عليه أن يتأكد من تنفيذ أعمال الصيانة الوقائية في مواعيدها، والمهندس عليه أن يفكر في حلول تمنع من تكرار أي مشكلة، ومدير التسويق عليه أن يحرص على ولاء العملاء وثقتهم بدلا من أن يحاول استعادتهما بعد فقدانهما، ومدير التصنيع عليه أن يمنع حدوث إصابات للعاملين، وأسلوب العمل يجب أن يساعد على منع خطأ العامل غير المقصود.
التطوير المستمر
أن تطَوِّر باستمرار خيرٌ من أن يأتي يوم تكتشف أنك تخلَّفت عن الركب وتحتاج لتغيير مفاجئ باهظ التكاليف وقد لا تقدر عليه، فقد رأينا حجم التغيير المفاجئ الذي يطلبه الشعب المصري وصعوبة القيام به، ولو تمَّ ذلك تدريجيا منذ زمن لكان الوضع مختلفا. وكذلك المدير عليه أن يطوِّر عمله باستمرار وألا يظل مُبقيا على الأوضاع كما هي عليه لسنوات وسنوات ثم يكتشف فجأة أن عليه أن يحدث تغييرات كبيرة قد لا يتوفر لديه الموارد لتنفيذها، وقد لا يكون هو نفسه قادرا على مواكبتها. شركات كبيرة تخرج من السوق نتيجة لإهمالها لما يحدث حولها وعدم متابعتها لمتغيرات السوق والمنافسة والتكنولوجيا.
تقديم قيمة حقيقية للعملاء بلا خداع
لقد ثار الناس لأن هناك مشاكل كثيرة ولا يعترف أحد بوجودها وكأن الأمور تسير سيرا رائعا، وهذا الأسلوب لا ينفع على المدى البعيد. قد يستطيع البائع أن يخدع عميلا بل عملاء ويكسب بعض المقابل المادي المرتفع ولكن هذا لا يجدي على المدى البعيد لأن العملاء سيكتشفون أنهم خدعوا ولن يتعاملوا معه مرة أخرى، ومع مرور الوقت لا تجد من يشتري من هذا البائع أو تلك المؤسسة. والمؤسسات عليها أن تقدم خدمة جيدة للعميل وألا تحاول خداعه فالعملاء لهم عقول وهم يكرهون من يتصور أنه أكثر ذكاء منهم. إن تحقيق المكاسب على المدى البعيد يأتي من تقديم قيمة حقيقية ويأتي من الالتزام بأخلاقيات العمل.
الكفاح المستمر
ماضيك لن يشفع لك طول العمر، وقد كان لرئيس مصر السابق تاريخ عسكري ومدني ولكن ذلك لم يمنع الشعب من إظهار غضبهم عندما لم تعجبهم الأحوال. والمدير لابد أن يعلم هذا جيدا فلن يكفي أن يجتهد في عام 2011 بل لابد أن يجتهد باستمرار في كل الأعوام، ولا يشفع للمدير الذي لا يستمع لمرؤوسيه أنه كان يستمع لهم في أوقات سابقة، ولن يرضى العميل عن منتج سيء بسبب أن منتجات الشركة كانت عظيمة فيما سبق. فالكفاح لابد أن يستمر.
التحفيز الفائق
لماذا نزل الشباب لتنظيف الشوارع؟ هل هو إيمان مفاجئ بقيمة النظافة؟ لا إنه شعورهم بان هذه بلدهم وأن لهم رأيا يُحترم. إن هذه ظاهرة لابد أن يتعلم منها المدير فهؤلاء السباب لا يتقاضون راتبا على هذا العمل، وبإمكانهم ألا يفعلوا ذلك ويستمتعوا بالراحة أو مشاهدة التليفزيون أو تصفح الإنترنت، ولكنهم قرروا أن يقوما بتنظيف الشوارع ودهان الأرصفة وتجميل الحوائط. هل هذه البلد لم تكن بلدهم؟ لا إنها بلدهم منذ ولدوا. إنه الشعور الحقيقي بأن هذا الطريق هو ملك لهم وأنهم مشاركون في صنع القرار والتأثير في مستقبل هذا البلد. فمتى استطعت كمدير أن تنمي هذا الشعور لدى الموظفين فستجد من يعمل ويكافح بلا اهتمام كبير بالمقابل المادي. كيف ذلك؟ بان تشعِرهم بالاحترام وتقدر أفكارهم وتتيح لهم تنفيذ أن يبتكروا ويطوروا العمل وأن تشجعهم وتكفأهم وان تربط مكافآتهم بنجاح المؤسسة وأن تتعامل معهم كأنك جزء من فريق العمل وأن تهتم بمشاكلهم. هذه ظاهرة على كل مدير أن يتأملها.